رياضة الغوص تحت الماء , البحر والغطس في اعماقه هوايات الكثيرون

عالم صامت يتحرك من دون ضجيج، يبتلع ولا يشبع، يثور ويجرف، لا يرحم المستهتر وغير
المبالي. عالم واسع وجذاب يحوي اسرارا كثيرة ويخفي في اعماقه كنوزا ثمينة. هو عالم اعماق
البحار المليء بالاثارة والاخطار والذي دفع بالانسان للسعي الى ابتكار وسيلة تمكنه من الغوص لوقت
طويل من دون تعريض حياته للخطر.
ازدهر الغوص تحت الماء في العصور السابقة في اليابان، وتحديدا في جزر المحيط الاطلسي حيث
كان الرجال والنساء يغوصون بوسائل بدائية، لدقائق معدودة ولعمق لا يتجاوز ال 30 مترا، بحثا
عن احجار كريمة. ولان الحاجة كانت ملحة لدى الكثير من شركات النفط للعمل تحت الماء
في انشاء محطات الضخ والتكرير، استمرت المحاولات غير الناجحة لابتكار وسائل تمكن الانسان من التنفس
تحت الماء لوقت طويل، حتى العام 1925 حين نجح الكابتن LE PRIEUR في الغوص حاملا
عبوة تحوي هواء مضغوطا. وفي العام 1943 ابتكر الكولونيل COUSTEAU جهاز الضغط للتهوئة تحت الماء
(Scuba Self Contained Underwater Brifing Apparatus) الذي يحتوي على نظام لتوزيع الهواء وفق حاجات الغطاس
وبضغط جيد الامر الذي مكنه لاحقا من التحرك بسهولة على عمق 20 مترا وتصوير العديد
من الافلام الوثائقية.
الغوص نوعان
مع اقتراب فصل الصيف وموسم البحر والسباحة، تزدهر رياضة الغوص تحت الماء، (الغطس – Diving)،
ولان اللبناني يحب التحدي والمغامرة والاثارة، غالبا ما يندفع لرغباته من دون التنبه الى القوانين
والانظمة، المفروضة من المراجع المختصة، والتي يجب الالتزام بها، او الى الاخطار التي يمكن ان
تنجم عن مزاولتها عشوائيا او عن جهل او عن نقص في المعلومات او كتحد ومنافسة.
فتكثر في المقابل الحوادث التي قد تؤدي في بعض الحالات الى الاصابة باعاقة دائمة او
الوفاة.
والغوص تحت الماء نوعان: الغوص الحر (Free Dive)، والغوص باجهزة متخصصة (Scuba).
يرتكز الغوص الحر على تقنية الغطس من خلال النفس الشخصي من دون استعمال اي جهاز
لضخ الهواء. ويخضع مزاوله لتدريبات خاصة تتركز على تقنية الغطس وتمتد لاربع سنوات (زهاء الف
غطسة) ومعداته كناية عن قناع للوجه (Mask) ونفاسة (Snorkel) وزعانف مطاط (Fins)، اضافة الى اعتدة
شخصية مثل بزة واقية من البرد (Wet Suite) وحزام الاوزان.
والغوص باجهزة متخصصة (Scuba) نوعان: الغوص الرياضي (Recreational Dive) وهو باستعمال اجهزة الغوص (Scuba) بهواء
مضغوط يصل الى حدود 40 مترا، والغوص التقني (Technical Dive) وهو باستعمال مزيج خاص كتعديل
نسبة الاوكسيجين او الهيليوم في الهواء ليتمكن الغواص من بلوغ العمق المطلوب ضمن اطار الانظمة
والقوانين الموضوعة من مدارس الغوص.
شهادة في الغوص
يمكن البدء بمتابعة دورات الغوص من عمر ال 12 عاما، يتدرج خلالها السباح عبر دورات
متلاحقة ضمن مدارس متخصصة يتعرف خلالها على طبيعة الحياة البحرية، فيزياء الغوص وفيزيولوجية الغوص. وتتضمن
تدريبات هدفها بناء الثقة بالنفس وتعلم كيفية حل المشاكل التي يمكن ان يواجهها الغواص وصولا
الى امكان الغوص لاهداف محددة كاستكشاف السفن الغارقة وتصوير المواقع الاثرية والصيد او اجراء دراسات
علمية عن طبيعة الحياة تحت الماء. ويمكن مزاولة الغوص حتى عمر ال 70 عاما كما
هي حال الغطاسة الفرنسية ستيفاني جوبيلي.
يحصل الغواص على شهادة مدرب بعد ان يخضع لست دورات تدريبية متنوعة تتضمن في كل
مرحلة 8 حصص مقسمة الى نظري وتطبيقي. فينال في الدورة الاولى شهادة Open Water وتتضمن
التعرف على طبيعة المياه وكيفية التعامل معها وصولا الى الغوص حتى عمق 20 مترا. وفي
الدورة الثانية ينال شهادة متقدم Advance ويغوص حتى عمق 28 مترا، وفي المرحلة الثالثة يغوص
حتى عمق 40 مترا وينال شهادة انقاذ Rescue، اما في المرحلة الرابعة فيتحضر الغواص للحصول
على شهادة تعليمية Dive Master ويغوص حتى عمق 50 مترا. والمرحلة الخامسة مخصصة للحصول على
شهادة مساعد مدرب Assistant Instructor ويصل الغوص خلالها الى عمق 66 مترا. اما المرحلة السادسة
الاخيرة فهي عبارة عن مراجعة شاملة للمراحل الخمس السابقة يتوجب فيها على الغواص اجتياز الاختبارات
الخطية والعملية قبل ان ينال شهادة مدرب.
وتعود مهمة تحديد الاماكن المسموح بها ممارسة الغوص تحت الماء الى نوادي التدريب المتخصصة عبر
وضع طفافات حديد (Flotteur). وتمتد اماكن الغطس على طول الشاطىء اللبناني من الشمال الى الجنوب،
ففي المنطقة المقابلة للعبدة توجد 3 سفن شحن على عمق 50 مترا، وفي منطقة طرابلس
بارجة Victoria الانكليزية (طولها 150 مترا) وبارجة وطراد روسيان يعود تاريخ غرقهما الى العام 1939.
وفي العمق المقابل لمنطقة البترون سفن محملة ترابة كما في انفه سفن قديمة يعود تاريخ
غرقها الى 40 عاما اضافة الى جبال ووديان ومغاور، وفي جونية 5 بواخر يعود تاريخ
غرقها الى 30 عاما، وعلى عمق 60 مترا قبالة بيروت بارجة Lesbiennes الانكليزية، وعلى عمق
40 مترا قبالة شاطىء خلدة غواصة Sefleur الفرنسية التي غرقت عام 1939. اما الموقع الاجمل
ففي صور حيث القلعة القديمة والمرجان والاصفاد والاسفنج وفوارات المياه الساخنة. كما يوجد قبالة شاطىء
الناقورة حطام طائرة بريطانية يعود تاريخها الى العام 1949. وعلى عمق 24 مترا قبالة شاطىء
طبرجا معرض من تنظيم رئيس وحدة الانقاذ البحري في الدفاع المدني سمير يزبك، ويتضمن دبابتين
وسيارتي اسعاف وسيارتي اطفاء.
الاخطار
الاخطار التي يمكن ان يتعرض لها الغواص نوعان: طبية كامتلاء الاذنين بالمياه، امتلاء الرئتين بالمياه،
التعرض لجلطة AVC، التعرض لفالج نتيجة ضغط المياه القوي، سكرة العمق الناجمة عن تجاوز العمق
المسموح به مما يسبب فقدان الوعي والهلوسة. وفيزيائية: التعرض لعضات حيوانات بحرية مثل حنكليس (حية
بحر)، فقدان العلامات الموضوعة في اماكن محددة، التعرض لاصطدام من الزوارق عند الخروج العشوائي، نفاد
الهواء من قارورة الاوكسيجين، التعليق في شباك الصيد.
من جهة ثانية ممنوع على الغواص: الغوص تحت الماء من دون مرافق Buddy، الغوص في
مناطق غير مسموح بها، تجاوز العمق المدون على شهادته، الافراط في تناول الطعام والسكاكر والمشروبات
قبل الغوص، البقاء في العمق بعد ان تصل كمية الهواء في قارورته الى 50 بارة.

يمنع على المصابين بامراض القلب والضغط والرئتين والسكري والاذن والربو والاعصاب والذين يعانون ارتفاعا في
مستوى الدهون في الدم ممارسة هواية الغوص تحت الماء.

المعدات وثمنها

يراوح ثمن معدات الغوص الحر من 20 الى 100 دولار اميركي، اما الغوص باجهزة Scuba
فيراوح سعر معداته من 800 الى 30 الف دولار اميركي.
ابرز المعدات: قفازات، زعانف، بذلة- مع قبعة للغوص لمسافات عميقة – خنجر بحري، حزام الاوزان،
قارورة اوكسيجين مع ساعة ضغط وحاسوب خاص يوضع في المعصم. تبلغ سماكة بذلة الغوص الشتائية
7 ملليمترات والصيفية بين ملليمترين و3 ملليمترات.

الاشراف على الدورات

يشرف رئيس وحدة الانقاذ البحري في الدفاع المدني سمير يزبك على الدورات التدريبية على الاسعاف
والانقاذ والغوص التي تنظمها مراكز الانقاذ البحري في الدفاع المدني المنتشرة على طول الشاطىء اللبناني
من العبدة في الشمال وصولا الى صور في الجنوب. كما ينظم يزبك دورات في مجمع
البورتيميليو في الكسليك تتضمن الانقاذ في برك السباحة والبحر والانهر. ولا يسع “نهار الشباب” يشكره
وطبيب الطوارىء

• مقالات عن الغطس في اعماق البحر