القاعده القرانيه التي دل عليها قول الله تعالى: {ومن يتوكل علي الله فهو حسبه}[الطلاق: 3] و المعنى: ان من توكل علي ربة و مولاة فامر دينة و دنياه، بان يعتمد علي الله فجلب ما ينفعة و دفع ما يضره، و فعل ما امر بة من الاسباب، مع كمال الثقه بتسهيل ذلك، و تيسيرة {فهو حسبه} اي: كافية الامر الذي توكل علية به(1).
ايها القراء الكرام:
ان هذة القاعده القرانية: {ومن يتوكل علي الله فهو حسبه} جاءت فسياق الحديث عن ايات الطلاق فسوره الطلاق، لبيان جمله من المبشرات التي تنتظر من طبق شرع الله فامر الطلاق، فقال تعالى: {فاذا بلغن اجلهن فامسكوهن بمعروف او فارقوهن بمعروف و اشهدوا ذوى عدل منكم و اقيموا الشهاده للة ذلكم يوعظ بة من كان يؤمن بالله و اليوم الاخر و من يتق الله يجعل له مخرجا (2) و يرزقة من حيث لا يحتسب و من يتوكل علي الله فهو حسبة ان الله بالغ امرة ربما جعل الله لكل شيء قدرا}[الطلاق: 2، 3].
واما مناسبه مجيء ذلك المعني بعد ذكر هذة الاحكام المتعلقه بالطلاق، فلعل السر و الله اعلم هو تضمنها للتحذير و التطمين!
اما التحذير، فهو متجة لكل و احد من الزوجين اللذين ربما تسول له نفسة مجاوزه حدود الله تعالي فامر الطلاق، سواء فيما يتعلق بالعدة، او النفقة، او غير ذلك، خصوصا و ان النفوس حال الطلاق ربما تكون مشحونة، و غير منضبطه فتصرفاتها، و ربما تتصرف بما تملية حاله الغضب، بلا تجرد و لا انصاف!
واما تضمن هذة القاعده للتطمين، فهى لمن صدق مع الله فتطبيق شرع ربة فامر الطلاق، و انه و ان كيد بة او له، فان الله معه، و ناصره، و حافظ حقه، و دافع كيد من يريد بة كيدا، و الله اعلم بمراده.
ومع ان هذة القاعده و ردت فسياق ايات الطلاق كما اسلفت الا ان معناها اعم و اشمل من ان يختصر فهذا الموضوع، و ايات القران الكريم طافحه بالحديث عن التوكل، و فضله، و الثناء علي اهله، و اثرة علي حياة العبد، و قبل الاشاره المجمله الي ذلك، يحسن التذكير بان النصوص دلت علي ان من كمال التوكل فعل الاسباب، و ذلك بين ظاهر، لكن نبة عليه؛ لان بعض الناس ربما يظن خطا ان التوكل يعنى تعطيل الاسباب، و ذلك غلط بين، و من تامل قصه موسي علية السلام لما و اجة البحر، و قصه مريم عليها السلام لما و لدت، و غيرهم من الاولياء و الصالحين، يجد انهم جميعا امروا بفعل ادني سبب، فموسي امر بضرب الحجر، و مريم امرت بهز الجذع، و ما اقوى ما قيل:
“الالتفات الي الاسباب بالكليه شرك مناف للتوحيد، و انكار ان تكون اسبابا بالكليه قدح فالشرع و الحكمة، و الاعراض عنها مع العلم بكونها اسبابا نقصان فالعقل و تنزيلها منازلها و مدافعه بعضها ببعض، و تسليط بعضها علي بعض، هو محض العبوديه و المعرفه و اثبات التوحيد و الشرع و القدر و الحكمة”(2).
معشر القراء الفضلاء:
ان التوكل علي الله عز و جل مطلوب فكل شئون الحياة، بيد ان هنالك مواطن كثيره و رد بها الحض علي التوكل و الامر بة للمصطفي صلي الله علية و سلم و المؤمنين!
فيا ايها المؤمن!
“1- ان طلبت النصر و الفرج فتوكل عليه: {ان ينصركم الله فلا غالب لكم و ان يخذلكم فمن ذا الذي ينصركم من بعدة و علي الله فليتوكل المؤمنون} (ال عمران/ 160).
2- اذا اعرضت عن اعدائك فليكن رفيقك التوكل: {فاعرض عنهم و توكل علي الله و كفي بالله و كيلا} (النساء/ 81).
3- اذا اعرض عنك الخلق، فتوكل علي ربك: {فان تولوا فقل حسبى الله لا الة الا هو علية توكلت} (التوبة/ 129).
4- اذا تلى القران عليك، او تلوتة فاستند علي التوكل: {واذا تليت عليهم اياتة زادتهم ايمانا و علي ربهم يتوكلون (الانفال/ 2 مدنية).
5- اذا طلبت الصلح و الاصلاح بين قوم لا تتوسل الي هذا الا بالتوكل: {وان جنحوا للسلم فاجنح لها و توكل علي الله}(الانفال/ 61).
6- اذا و صلت قوافل القضاء فاستقبلها بالتوكل: {قل لن يصيبنا الا ما كتب الله لنا هو مولانا و علي الله فليتوكل المؤمنون}(التوبة/ 51).
7- و اذا نصبت الاعداء حبالات المكر فادخل انت فارض التوكل: {واتل عليهم نبا نوح اذ قال لقومة يا قوم ان كان كبر عليكم مقامى و تذكيرى بايات الله فعلي الله توكلت} (يونس/ 71).
8- و اذا عرفت ان مرجع الكل الي الله و تقدير الكل بها للة فوطن نفسك علي فرش التوكل: {فاعبدة و توكل عليه} (هود/ 123).
9- و اذا علمت ان الله هو الواحد علي الحقيقة، فلا يكن اتكالك الا عليه: {قل هو ربى لا الة الا هو علية توكلت و الية متاب} (الرعد/ 30).
10- و اذا كانت الهدايه من الله، فاستقبلها بالشكر و التوكل: {وما لنا الا نتوكل علي الله و ربما هدانا سبلنا و لنصبرن علي ما اذيتمونا و علي الله فليتوكل المتوكلون}(ابراهيم/ 12).
11- و اذا خشيت باس اعداء الله و الشيطان و الغدار فلا تلتجئ الا الي باب الله: {انة ليس له سلطان علي الذين امنوا و علي ربهم يتوكلون} (النحل/ 99).
12- و اذا اردت ان يصبح الله و كيلك فكل حال، فتمسك بالتوكل فكل حال: {وتوكل علي الله و كفي بالله و كيلا}(النساء/ 81).
13- و اذا اردت ان يصبح الفردوس الاعلي منزلك فانزل فمقام التوكل: {الذين صبروا و علي ربهم يتوكلون} (النحل/ 42).
14- و ان شئت ان تنال محبه الله فانزل اولا فمقام التوكل: {فتوكل علي الله، ان الله يحب المتوكلين} (ال عمران/ 159).
15- و اذا اردت ان يصبح الله لك، و تكون للة خالصا فعليك بالتوكل: {ومن يتوكل علي الله فهو حسبة (الطلاق/ 3)، {فتوكل علي الله انك علي الحق المبين}(النمل/ 79)”(3).
وقبل ان نختم حديثنا عن هذة القاعده القرانية: {ومن يتوكل علي الله فهو حسبه} اود ان انبة الي ما ذكرة العلامه ابن القيم رحمة الله من ان كثيرا من المتوكلين يصبح مغبونا فتوكله!
وبيان هذا كما يقول رحمة الله : انك تري بعض الناس يصرف توكلة الي حاجه جزئيه استفرغ بها قوه توكله، مع انه يمكنة نيلها بايسر شيء، و فالمقابل ينسي او يغفل عن تفريغ قلبة للتوكل في: زياده الايمان، و العلم، و نصره الدين، و التاثير فالعالم خيرا، فهذا توكل العاجز القاصر الهمة، كما يصرف بعضهم همتة و توكلة و دعاءة الي و جع ممكن مداواتة بادني شيء، او جوع ممكن زوالة بنصف رغيف، او نص درهم، و يدع صرفة الي نصره الدين، و قمع المبتدعين، و زياده الايمان و مصالح المسلمين”(4) انتهى.
وههنا ملحظ مهم يستفاد من كلامة رحمة الله، و هو: ان الواحد منا فحال نشاطة و قوه ايمانة ربما يقع منة نسيان و غفله عن التوكل علي الله، اعتمادا علي ما فالقلب من قوه و نشاط، و ذلك غلط ينبغى التنبة اليه، و الحذر منه، و من تامل فادعيه النبى صلي الله علية و سلم و جدة دائم الافتقار الي ربه، ضارعا الي ربة ان لا يكلة الي نفسة طرفه عين، حتي ربي امتة علي ذلك المعني فشيء ربما يظنة البعض بسيطا او سهلا، و هو ان يقولوا: “لا حول و لا قوه الا بالله” عند سماع المؤذن فالحيعلتين!(5).
وقد اجمع العلماء علي ان التوفيق، الا يكل الله العبد الي نفسه، و ان الخذلان جميع الخذلان ان يخلى بينة و بين نفسه!
اللهم انا نبرا من جميع حول و قوه الا من حولك و قوتك، اللهم انا نعوذ بك ان نوكل الي انفسنا طرفة، و الي هنا اضع القلم، و الي ان القاكم فحلقه قادمه باذن الله.
__________________
(1) ينظر: تفسير السعدي: (869).
(2) المصدر السابق 1/244 بتصرف.
(3) كل ما تقدم من 1 – 15 من كلام الامام اللغوى المفسر الفيروز ابادي:، فكتابه: بصائر ذوى التمييز 2/313-315.
(4) ينظر: المصدر السابق 2/225 بتصرف.
(5) اخرجة الشيخان: البخارى ح (588) و مسلم ح (385)، و لم اشا ان استشهد بالحديث الذي رواة ابو داود و ابن حبان و غيرهما: من حديث عبد الرحمن بن ابى بكره انه قال لابية س: يا ابه انني اسمعك تدعو جميع غداه اللهم عافني فبدني اللهم عافني فسمعي اللهم عافني فبصري لا الة الا انت تعيدها ثلاثا حين تصبح و ثلاثا حين تمسى. فقال انني سمعت رسول الله ج يدعو بهن فانا احب ان استن بسنته. قال عباس فية و تقول اللهم انني اعوذ بك من الكفر و الفقر اللهم انني اعوذ بك من عذاب القبر لا الة الا انت تعيدها ثلاثا حين تصبح و ثلاثا حين تمسي فتدعو بهن فاحب ان استن بسنتة قال و قال رسول الله ج «دعوات المكروب اللهم رحمتك ارجو فلا تكلني الي نفسي طرفه عين و اصلح لي شاني كلة لا الة الا انت»؛ لان اسنادة ضعيف، و ينظر فتخريجه: مسند ابى داود الطيالسى 2/200 ح (909، 910)، و الله اعلم.
- من يتوكل علي الله فهو حسبه بوست
- قراءة آية وما لنا ألا نتوكل على الله وقد هدانا سبلنا في منام العزباء
- فهو
- صور عن التوكل
- رؤية التوكل على الله
- حلم الفتاه العزباء انها تقول انا متوكله علي الله وتقرا من يت يتوكل علي الله فهو حسبه
- توكل على الله ف المنام
- تقسير حلم جمله من يتوكل على الله فهو حسبه
- تفسير كلمة فاعلى الله فل يتوكل المتوكلون في المنام
- اللهم يامن عليه يتوكل الكتوكلين