الفكر السياسي المسيحي في العصور الوسطى , كيف كان الحكم السياسي المسيحي قديما



الفكر السياسى فالعصور الوسطى

ان التطور الذي عرفة الفكر السياسى الاوربى الحديث لم يات فجاه بل مر بعده مراحل فتكوينة انطلاقا من الفكر السياسي

اليونانى مرورا بالفكر السياسى الرومانى و صولا الي العصور الوسطي او عصور الظلام كم يسميها البعض و التي دامت حوالي10

قرون، و العصور الوسطي هى عصر من عصور التاريخ الاوربى سميت بهذا الاسم نظرا لانها توسطت العصور القديمه و العصور

الحديثة، و الحدث التاريخى الذي يشكل بدايه العصور الوسطي هو سقوط الامبراطوريه الرومانيه الغربيه عام476 م اما اكتشاف

كريستوف كولمبوس لامريكا فيعتبر نهايتها، و سميت كذلك بعصور الظلام و رحله التية او طور التشكل نظرا لما ساد بها من تدهور

للاوضاع و ركود علمى و فكري.

اولا: ازدواج السلطه (( و نظريه السيفين)):.


ظهرت المسيحيه كحركه اسلامية لها نظامها المستقل عن الدوله و كانت هى المسئوله عن النواحى الروحيه و تسعي لتخليص الانسان من الخطيئة، فعندما بعث الله سبحانة و تعالي النبى عيسي علية و علي نبينا السلام، لم تكن دعوتة تتعرض لنظام حكم. لكن سرعان ما حاول بعض اليهود(الفريسيين) الايقاع بة من اثناء القول انه لا يدفع الضرائب لقيصر و ارسلوا له تلامذتهم ليسالوة اذا كان مسموحا بدفع الضرائب ام لا للامبراطور. فطلب منهم المسيح (ع) ان يروة نوعيه الضرائب التي يدفعونها لقيصر. فاروة العمله التي عليها صوره القيصر، فقال لهم(كما و رد فالتراث المسيحى و الاناجيل): اعطوا ما لقيصر لقيصر و ما للة لله. و ربما اتخذ بعض المسيحيون هذة المقوله لاحقا لفصل الدين عن الدولة. بمعني اولى هذة الجمله كانت انقلابا او ثورة.انها تطرح مبدا غريبا علي العالم اليوناني/الرومانى كما كذلك علي العالم اليهودي:الدين و السياسه لهما مجالات مختلفة. القاعده الحديثة تتعارض مع النظام السياسي/الدينى السائد و هو الحكم الثيوقراطي، انها تكسر الوحده التقليديه للسلطة. و تقر بمبدا ثنائيه السلطه المتمركزه حول شرعيتين متمايزتين للقوانين. المؤسسه السياسيه الزمنية(الامبراطورية) و المؤسسه الكهنوتيه الروحية(الكنيسة).


ولكن مع تعاظم دور الكنيسه و تمتعها بسلطه منافسه لسلطه الامبراطور طرحت الكنيسه فكره ((الولاء المزدوج)) و التي تدور حول و جوب خضوع المسيحى لنوع من الولاء المزدوج انطلاقا من ازدواج طبيعتة فالانسان يتكون من روح و جسد و الروح تتوجة بالولاء نحو خالقها و الذي تخرج سلطتة فالارض من اثناء الكنيسه اما الجسد فيتوجة بولائة الي السلطه الدنيويه ممثلة فالحكومه الامبراطوريه ، و كذا خرجت الي الوجود((نظريه السيفين او ازدواج السلطه )) علي اساس و جود نوعين من الوظائف فالمجتمع :.


1- و ظائف خاصه بالقيم الروحيه و الاخلاقيه و تتولاها الكنيسه و تراقبها .


2- و ظائف تتعلق بالمحافظه علي الامن و النظام و تحقيق العداله و تتولاها الحكومة.


وكما كتب سان توماس، لكل منهما الوسائل و الغايات الخاصه به. الدوله لها قوانينها، الكنيسه لديها قوانينها ايضا، المجتمع السياسى و الكنيسه هما مستقلان الواحد عن الاخر”


وفى القرن الرابع الميلادى (مع اقتراب نهايه العظمه الامبراطوريه الرومانية) اعتنق امبراطور روما الدين المسيحي، مما ادي لانتشار المسيحيه فاوروبا التي كانت تسيطر عليها دوله الروم. فامبراطور روما “قسطنطين” و صل للحكم فالعام 306م و استمر حتي 337م، و هو الذي نقل مركز الامبراطوريه من روما الي القسطنطينيه (واسمها بيزنطه قبل تغيير الاسم) و جعل المسيحيه دين الدوله مما ادي لانتشار المسيحيه بشكل و اسع و ادي ايضا لسيطره الكنيسه علي الحكم و الملوك اللاحقين. و فو قت من الاوقات، ” شارلمان ” حاول توحيد المسيحيه الغربيه تحت سلطتة الخاصه و التي فنفس الوقت هى زمنيه و روحيه (حيث اعتبر نفسة زعيما اسلاميا محاولا اخذ جزء من السلطه الداخليه للكنيسة) و هنا تزايد دور الكنيسه مع ضعف الامبراطوريه و تناقصت سلطه الاباطره بحيث اصبحت سلطه الكنيسه موازيه لسلطه الامبراطوريه . فمنحت روما حق تجاوز و عزل الاباطره للسلطتين الروحيه ممثله بالكنيسه اوالزمنيه ممثله بالسلطه السياسيه و لكن تحت و صايه الكنيسة.


ونميز فالعصور الوسطي مرحلتين مهمتين و هما :


– مرحله اباء الكنيسة(الكاثوليكية): هذة المرحله تميزت بمحاوله الكنيسه فرض ذاتها داخل حدود الامبراطوريه الرومانيه و لهذا سميت بحقبه تنظيم الديانه المسيحيه خاصه بعد اعتناق الامبراطور قسطنطين للديانه المسيحيه و امتازت بالانحطاط حتي بالنسبه للعلوم الموروثه عن اليونانيين فقد اندثرت.

والكاثوليكيه لاحقا باتت هى مذهب المسيحيين الذين يعتبرون بابا روما زعيمهم الروحى باعتبارة خليفه القديس (بطرس) و هو الذي يضمن و حده الكنيسه فالمكان و هويتها فالزمان، لذا فهو بنظرهم معصوم عن الخطا فكل ما يتعلق بشؤون الدين و هو اسقف و لكن اعلي من سائر الاساقفه الاخرين مرتبة.


– مرحله الفلسفه المدرسية: تمتد من القرن 08 الي القرن 14 قبل عصر النهضة، و لقد بدات بانتشار الثقافه اللاتينيه الي الشمال و هكذا تحول البلاد الجرمانيه من الوثنيه الي المسيحيه و تميزت ايضا بظهور الجامعات و المدارس الا انه لم يسجل اي ابداع فلسفي. و لقد بلغت الفلسفه المسيحيه ذروتها خاصه مع القديس توما الاكويني.


2- اباء الكنيسة:


ما بين الفلسفه القديمه و الفلسفه الوسيطه فان دروب الارتباط الكبري تمر عبر اباء الكنيسة، و تطلق هذة التسميه علي الكتاب المسيحيين فالقرون الوسطي من التاريخ المسيحي، و الذين بسبب قداسه حياتهم تلقوا رضي الكنيسة. و من بين كل الاباء الذين عرفهم العصر الوسيط، فان القديس اوغسطينوس هو الذي بدون منازع ما رس التاثير الاعمق و الاوسع، و هو صاحب القول الشهير: “اذا لم تكن تعتقد، فانك لن تفهم، افهم كى تعتقد، و اعتقد كى تفهم”. و كذا لا يلغى الايمان المسيحى العقل او البحث، و لا يقتل الفكر.


ا_ اوغسطينوس (القديس اوغسطين الكبير(:


القديس اوغسطين (354-430م)ينحدر من اصول امازيغيه و لد فتغاست عام354م, عندما بلغ الحاديه عشر من عمره,ارسلتة اسرتة للتعلم بعدها ذهب الي قرطاج لتعلم البيان. و بالرغم من ان امة مونيكا امازيغيه و مسيحيه و والدة كان و ثنيا, الا انه لم يعتنق المسيحيه فورا بل جرب عده مذاهب حتي صيف 386 بعد قراءتة لسيره القديس انطونيوس الكبير و تاثرة فيها قرر اعتناق المسيحيه و دخل فسلك الكهنوت. و ربما الف اوغسطين العديد من المواعظ و التاملات الدينيه التي و صلنا منها 500 موعظه و 200 رساله اهم مؤلفاتة علي الاطلاق كتابى “مدينه الله” و ”الاعترافات” – من اهم كتب السيره الذاتيه فالتاريخ .


وفى كتابة “مدينه الله” دافع اوغسطين عن المسيحيه ضد اعدائها و ذكر ان المدينه الوحيده التي لها قيمه هى المدينه المبنيه علي قيم المسيحيه او”مدينه الله” و طلب من الملوك اللجوء الي سلطه البابا لان الخلاص لن يتم الا عن طريق الكنيسة، لذلك فقد ادان اوغسطين طغيان الملوك و استضعاف الامم الفقيره و اكد ان على”الملك” ان يصبح فخدمه الاله.. و بالرغم من هذا راي بان الطغيان من الحكام “لا يبرر”الثوره عليهم. و ان المسيحيه يجب ان تركز علي المحبه و الطاعه للدولة. فامن اوغسطين بان الحياة الاجتماعيه مقدسه و لذا فان الدوله هامه فحياة الناس للحفاظ علي المجتمع و هذة الدوله ليست الا حقيقه متغيره و مؤقته و هى مهياه للاختفاء عندما ستاتى مملكه الله . و يقول اوغسطين بان جميع السيادات و جميع السيطرات الانسانيه ستنعدم فيما بعد ف“مملكه الله” و بانتظار هذا يجب علي المحكومين ان يطيعوا السلطه فحدود غاياتها الخاصه لان جميع سلطه قائمه فهذا العالم يجب ان تمجد و ان علي المؤمن باختصار و اجب الانحناء امام المخطط الالهي.


اما بالنسبه لمعرفه من يصبح القيصر, فاوغسطين يذكر ان شكل الحكم او الدستور هو امر دنيوى بحت يتعلق بطبيعه الشعب الذي سيحكم و ايضا بالظروف. و العداله فنظر اوغسطين هى ضروره و هى الفضيله التي تعطى لكل و احد ما يعود له و بدونها لن تكون الممالك الا مجتمعات موسعه لقطاع الطرق, لذلك فان الدوله المسيحيه التي اقامت الله و سط مؤسساتها ستجد القوه و الاستقرار لانها تعمل علي التحضير للمدينه السماويه و الاقتراب منها بقدر الامكان فهذة الدنيا. و دعا اوغسطين لوحده الكنيسه و عالميه سيطرتها علي العالم المسيحي، و قال بان النور (الوحي) الالهى هو الذي يعطى الانسان الحقائق. فامن بان هنالك مدينه الله و مدينه الشيطان و ان مدينه الله لا ممكن معرفتها الا من اثناء سلطه الكنيسه المقدسه و هى غير القابله للنقاش.

تاثر بفلسفه القديس اوغسطين عدد منكبيرة الفلاسفه كالقديس توما الاكوينى و جون كالفن و ما رتن لوثر و غيرهم.


ب _ القديس توما الاكوينى 1225 – 1274″ Thomas Aquinas”


هو القديس الكاثوليكى توما الاكوينى مؤسس الاتجاة التجديدى فالفلسفه المسيحيه بواسطه الارسطيه (ارسطو طاليس)، اقام الاكوينى لاهوتة الفلسفى علي مزيج من الاعتماد علي البراهين العقليه الارسطيه و علي نصوص الكتاب المقدس للعقيده المسيحية، و هو الامر الذي يتضح فمعظم مؤلفاتة و خاصة”الخلاصه اللاهوتية” و ”الرد علي الوثنيين”، و ”مختصر اللاهوت” هى كلها تدور حول اثبات ان العقل و المفاهيم العقائديه لا تعارض بينهما.


ويري “توما الاكويني” ان الدوله هى هيئه موحده مكلفه بتنظيم افرادها،واذا كان النظام فالجماعات الحيوانيه و الحشرات كالنمل و النحل يصدر عن الغريزة، فان النظام فالجماعات الانسانيه يصدر عن العقل و الاراده و من بعدها فهو يقوم علي ضرب من التعاقد، و يري توما ان الحكومه الموناركية(الملكيه و حكومه الفرد الفاضل) هى اروع نوعيات الحكومات، فهى اكثر مطابقه للطبيعه حيث ان الطبيعه تكونت من مبدا و احد، فكما ان(الجسم تديرة النفس)،(والاسره يديرها الاب)،(والعالم يديرة الله) ايضا فان (الدوله يجب ان يديرها فرد و احد). و يؤكد كذلك ان ذلك الحاكم لابد ان يصبح بالانتخاب، و ان يعاون الحاكم الاوحد مجلس ارستقراطى ينتخبة الشعب،ذلك هو النظام الذي سنة الله لموسى، فكان موسي يحكم بمعاونه اثنين و سبعين رجلا حكيما يختارهم الشعب. و يرى”توما الاكويني” ان من اهم و ظائف الدوله نجد :


1_تحقيق الامن و الطمانينه فالحياة و تامين الافراد و الجموع من الاخطار .


_2تحقيق النظام و ضمان العداله بواسطه التشريعات القانونيه .


3_ترويج الحد الادني من الاخلاق بمساعده الكنيسه التي تعمل اساسا علي الحياة الاخلاقيه .


4_حمايه الدين و فذلك محافظه و مساعده للكنيسه .


5_ و بما ان الدوله عرضه للخطر الخارجى فقد و جب عليها الاستعداد للحرب و اعتبار هذا و ظيفه جوهريه لها، مع الاخذ بعين الاعتبار ان تكون الحرب عادلة، و لكى تكون ايضا يجب توافر ثلاثه شروط :


ا_ ان تعلنها السلطه الشرعيه و تباشرها بنفسها .


ب_ ان تعلنها لسبب عادل اي لدفع الظلم .


ج _ان تمضى بها بنيه صادقه و بعزم ثابت .


وبما ان مهمه رجال الدين لا تتفق مع عمل من اعمال الدنيا و بخاصه الحرب و سفك الدماء، فان من الواجب عليها استعمال الاسلحه الروحيه من و عظ و صلاه و اقامه شعائر الدين .


كما يري ” توما الاكوينى “ان الدوله اجتماع سياسى طبيعى من حيث ان الانسان حيوان اجتماعي، لذلك فعلي المواطنين الخضوع للقانون و الا تقوض المجتمع ، فالانسان لا يوجد بدون مجتمع ، و متي و جد الحاكم و جد القانون. و القانون عند الاكوينى اربعه نوعيات: نوع و احد فقط من عمل الانسان و هى كالاتى :


_1القانون الازلي: و هو صنع الله، فالكون خاضع لهذا القانون الازلي، و العنايه الالهيه هى التي تنظم و تسير ذلك الكون. ذلك القانون الخالد تستمد منة القوانين الصالحه قوتها و هو مصدر لكل القوانين الصحيحة.

_2القانون الطبيعي: و هو انعكاس للنور الالهى فالمخلوقات و السير بموجبة و يتجلي هذا بميل الانسان الطبيعى لعمل الخير و اجتناب الشر قدر المستطاع .


_3القانون الالهي: و هو الوحى او التنزيل ، اي هو ما و صلنا بواسطه الكتب المقدسة، و توما يقرر ان العقل و الوحى لا يتعارضان، مع العلم ان الوحى يعلو علي العقل، و الانسان لا يستطيع ان يصل الي كل الحقائق الدينيه عن طريق العقل و حدة لانة يعجز عن فهم الحقائق الغيبيه . فالوحى يؤيد العقل و ليس نقيضا له و هما من نسيج و احد، لان الله و هب العقل للانسان و اوحى بالوحى الي الانبياء .


4_ القانون الانسانى او الوضعي: و هو من صنع الانسان، و يعد كنايه عن التشريعات التي يستنتجها الانسان بعقلة من القانون الطبيعى فهو مشتق منه، و ضع لينظم حياة الافراد داخل المجتمع و يتعرض للعقاب من يخالف قواعده. و هو نسبى و غير معصوم من الخطا و ربما يتعارض مع القانون الانسانى فمجتمع احدث .


اما القانون الازلى و الالهى يمثلان الغايه النهائيه من اللاهوت المسيحي. و يري الاكوينى ان طاعه القانون و اجبه طالما كان عادلا، اما القانون الظالم فاذا كان معارضا للقانون الطبيعى و القانون الالهى و القانون الازلى فلا تجوز له الطاعه باى حال من الاحوال، اما اذا كان معارضا لحق ثانوى فيطاع متي كانت مخالفتة اشد خطرا علي المجتمع.


وفى الاخير يتضح لنا ان فلسفه الاكوينى السياسيه هى ثمره تاليفة بين النظريات المسيحيه و الوثنية، فقد جعل الفلسفه تابعه للدين و وظفها لايضاح العقيده المسيحيه بواسطه المفاهيم الارسطية، و منة فالحقيقه عندة و احده و هي الحقيقه الدينيه لان العقل و النقل لا يتعارضان، جميع هذا جعل بعض المفكرين يعتقدون ان بذور فكره العلمانيه بدات فالبروز مع البناء الذي شيدة القديس توما الاكويني.

  • الفكر السياسي المسيحي
  • فكر السياسي المسيحي


الفكر السياسي المسيحي في العصور الوسطى , كيف كان الحكم السياسي المسيحي قديما