الاحلام والرؤى



ما هى حقيقه الرؤي و الاحلام التي يراها الانسان فمنامة ؟

ما ان ياوى الانسان الي فراشة و يغمض عينية و يسيطر علية النوم حتي يجد نفسة فعالم احدث يختلف تماما عن عالم اليقظه من حيث المقاييس و الحدود و الاوصاف .


نعم يجول النائم غالبا فعالم الاحلام و الرؤي فيشاهد الماضى و الحاضر و المستقبل فاذا بة تاره يرجع الي صباة و اخري يري نفسة شيخا طاعنا فالسن ، و ربما يدخل فحرب مدمره مع عدو و اقعى او افتراضى ، او يري نفسة و هو يعالج سكرات الموت ، او يري ان لدية ثروه عظيمه و مكانه مرموقه ينعم بكل خير و يعيش بين الورود و الرياحين ، او يري بعض الصالحين من الاحياء او الاموات ، الي غير هذا من المشاهدات العجيبه التي يرتاح الانسان لرؤيه بعضها و يتمني لو انها طالت و استمرت من دون انقطاع ، كما و ينزعج من مشاهده العديد من الاحلام المهوله و المفزعه .

و ما ان ينقطع شريط الاحلام حتي يسال الانسان نفسة عن حقيقه هذة المشاهدات و مدي انطباقها علي الواقع ، فيحب ان يعرف هل ان لهذة المشاهدات من تاثيرات سلبيه او ايجابيه علي معيشتة و حياتة ام لا .


لا بد من الاعتراف بان حقيقه الرؤي و الاحلام لا تزال خافيه حتي علي العلماء ذوى الاختصاص ، لذلك فانك تري ان نظراتهم العلميه مختلفه فتفسير مشاهدات الانسان فالمنام .


فمنهم من حاول حصر الاحلام فالبعد النفسى فقط ، و لم ينظر اليها الي من هذة الزاويه ، يقول فرويد : ” ان الاحلام تلجا الي الرموز لتخفى الاغراض التي يحظرها المجتمع ” 1 .


و كان المتنبؤن بالامس يقولون : ” اخبرنا باحلامك نخبرك بمستقبلك ” ، و اليوم يقول اطباء النفس : ” اخبرنا باحلامك نشخص مشكلاتك ” 2 .


و مع هذا فان اصل مشاهده الاحلام و الرؤيا ثابته و لا نقاش بها ، الا ان ما يهمنا هنا هو النظره الاسلاميه بالنسبه الي الرؤي و الاحلام ، و ما يهمنا كذلك هو معرفه مدي صحه الاعتماد علي امثال هذة المشاهدات من المنظار الاسلامى .


للحصول علي الاجابه الصحيحه يتحتم علينا مراجعه القران الكريم و الاحاديث المرويه عن النبى المصطفي ( صلي الله علية و الة ) و الائمه المعصومين ( عليهم السلام ) حتي نتوصل الي الراى الاسلامى الصائب فهذا المجال .


التفسير الاسلامى للرؤي و الاحلام :


سال محمد بن القاسم النوفلى الامام جعفر بن محمد الصادق ( علية السلام ) اسئله حول حقيقه المشاهد و الحاجات التي يشاهدها النائم ، فاجابة الامام ( علية السلام ) عنها باختصار ، و اليك نصف الروايه :


قال : قلت لابى عبدالله الصادق ( علية السلام ) : المؤمن يري الرؤيا فتكون كما راها ، و قد راي الرؤيا فلا تكون شيئا ؟


فقال : ” ان المؤمن اذا نام خرجت من روحة حركه ممدوده صاعده الي السماء ، فكل ما راة روح المؤمن فملكوت السماء فموضع التقدير و التدبير فهو الحق ، و جميع ما راة فالارض فهو اضغاث احلام ” .


فقلت له : او تصعد روح الي السماء ؟


قال : ” نعم ” .


قلت : حتي لا يبقي منها شئ فبدنة ؟


فقال : ” لا ، لو خرجت كلها حتي لا يبقي منها شئ اذن لمات ” .


قلت : فكيف تظهر ؟


فقال : ” اما تري الشمس فالسماء فموضعها و ضوئها و شعاعها فالارض ، فايضا الروح اصلها فالبدن و حركتها ممدوده الي السماء ” 3 .


المعني اللغوى اولا :


لكى تكون دراستنا لمساله الرؤي و الاحلام دراسه دقيقه لابد و ان نعرف المعني اللغوى للرؤيا و الحلم و مترادفاتهما من حيث اللغه العربيه ، و لكى نتعرف علي المعني اللغوى لابد من مراجعه كتب اللغه اولا .


قال فالقاموس : الحلم و الحلم : بالضم ، و بضمتين ، الرؤيا ، … و الاحتلام الجماع فالنوم و الاسم الحلم كعنق .


و قال الدكتور احمد فتح الله : الرؤيا : ما يري فالنوم 4 .


و قال الاستاذ محمد قلعجى : الرؤيا : علي و زن فعلي ، و ربما تخفف فية الهمزه فيقال الرؤيا ، ج رؤي ، ما يراة النائم فالمنام ، ﴿ لقد صدق الله رسولة الرؤيا بالحق … ﴾ 5 ، Dream 6 .


و قال البيضاوى : الرؤيا كالرؤيه غير انها مختصه بما يصبح فالمنام 7 .


و قال الدكتور سعدى ابو حبيب : الرؤيا : ما يراة النائم فنومة . و يرادف الرؤيا حلم ( جمع ) احلام . و ربما غلب اسم الرؤيا علي ما يراة النائم من خير ، و الحلم علي ما يراة من شر . و فالحديث الشريف : ” الرؤيا من الله ، و الحلم من الشيطان ” 8 .


اقسام الرؤيا :


تنقسم مشاهدات الانسان فالمنام الي مشاهدات حسنه يستبشر فيها الانسان المؤمن فيري بها ما يسرة و يرتاح الية ، و اخري قبيحه و مهوله يفزع منها الانسان و يستيقظ علي اثرها مرعوبا ، و اخري تكون علي شكل لقطات غير مترابطه و مبعثره و التي يعبر عنها باضغاث الاحلام ، اي ضغثا من جميع حلم و هى ترسبات متبقيه من مجموعه ما شاهدة فمنامة من الاحلام التي يشاهدها الانسان فينسي منها العديد و لا يتذكر منها الا بعض اللقطات ، لقطه من هنا و اخري من هنالك فتشكل بمجموعها حلما و احدا غير مترابط الاجزاء ، او تكون من ترسبات الافكار و التخيلات و الامانى التي تطرا علي الفكر اثناء اليقظه .


فقد روى عن رسول الله ( صلي الله علية و الة ) انه قال : الرؤيا ثلاثه : بشري من الله ، و تحزين من الشيطان ، و الذي يحدث بة الانسان نفسة فيراة فمنامة 9 .


و قال ( صلي الله علية و الة ) : الرؤيا من الله و الحلم من الشيطان 9 .


و قال يحيي بن الحسين صلوات الله علية : بلغنا عن رسول الله صلي الله علية و علي الة و سلم انه قال : ” الرؤيا الحسنه من الرجل الصالح جزء من سته و اربعين جزء من النبوه ” 10 .


و كان يقول صلي الله علية و علي الة و سلم : ” لم يبق بعدى الا المبشرات ” .


قالوا : و ما المبشرات يا رسول الله ؟


قال : ” الرؤيا الصالحه يراها الرجل الصالح او تري له ، جزء من سته و اربعين جزء من النبوه ” 11 .


و عن على بن ابراهيم ، عن ابية ، عن ابن ابي عمير ، عن سعد بن ابى خلف ، عن ابى عبدالله ( علية السلام ) قال : الرؤيا علي ثلاثه و جوة : بشاره من الله للمؤمن و تحذير من الشيطان و اضغاث احلام 12 .


الرؤيا الصالحه :


و هى الرؤيا الصادقه الواضحه التي لا تحتاج الي تعبير او تكون قابله للتعبير ، و هى بشري من الله سبحانة و تعالي يراها الانبياء و الصالحون ، و هذة الرؤيا تكون بالنسبه الي الانبياء من اقسام الوحى ، فعن ابن عباس : ان اول ما ابتدا بة رسول الله صلي الله علية و الة من الوحى الرؤيا الصالحه فالنوم ، و كان لا يري رؤيا الا جاءت كفلق الصبح 13 .


و عن الامام محمد بن على الباقر ( علية السلام ) قال : ” قال رجل لرسول الله ( صلي الله علية و الة ) : فقول الله عز و جل : ﴿ لهم البشري فالحياة الدنيا … ﴾ 14 قال : هى الرؤيا الحسنه يري المؤمن فيبشر فيها فدنياة ” 15 .


و لا شك ان الرؤيا الصادقه حقيقه ثابته فالقران و السنه ، فالقران الكريم ذكر الكثير من الرؤي التي راها الانبياء ( عليهم السلام ) ، كما ذكر رؤي اخري لغيرهم من الناس ، و اليك بعضا منها :


1. رؤيا النبى ( صلي الله علية و الة ) التي ذكرها القران الكريم : ﴿ لقد صدق الله رسولة الرؤيا بالحق لتدخلن المسجد الحرام ان شاء الله امنين محلقين رؤوسكم و مقصرين لا تخافون فعلم ما لم تعلموا فجعل من دون هذا فتحا قريبا ﴾ 16 .


2. رؤيا النبى يوسف ( علية السلام ) التي ذكرت فالقران الكريم : ﴿ اذ قال يوسف لابية يا ابت انى رايت احد عشر كوكبا و الشمس و القمر رايتهم لى ساجدين * قال يا بنى لا تقصص رؤياك علي اخوتك فيكيدوا لك كيدا ان الشيطان للانسان عدو مبين ﴾ 17 .

  • الأحلام و الرؤى
  • الاحلام والروى
  • تفسير الاحلام والروي


الاحلام والرؤى