شها: شهيت الشيء، بالكسر؛ … ، وشهي الشيء وشهاه يشهاه شهوة واشتهاه وتشهاه: احبه ورغب
فيه. قال الازهري: يقال شهي يشهى وشها يشهو اذا اشتهى، وقال: قال ذلك ابو زيد.
والتشهي: اقتراح شهوة بعد شهوة، يقال: تشهت المراة على زوجها فاشهاها اي اطلبها شهواتها. وقوله
عز وجل: وحيل بينهم وبين ما يشتهون؛ اي يرغبون فيه من الرجوع الى الدنيا. غيره:
الشهوة معروفة. وطعام شهي اي مشتهى. وتشهيت على فلان كذا. وهذا شيء يشهي الطعام اي
يحمل على اشتهائه، ورجل شهي وشهوان وشهواني وامراة شهوى وما اشهاها واشهاني لها، قال سيبويه:
هذا على معنيين لانك اذا قلت ما اشهاها الي فانما تخبر انها متشهاة، وكانه على
شهي، وان لم يتكلم به فقلت ما اشهاها كقولك ما احظاها، واذا قلت ما اشهاني
فانما تخبر انك شاه. واشهاه: اعطاه ما يشتهي، وانا اليه شهوان؛ …. ، وفي حديث
راعبة: يا شهواني يقال: رجل شهوان وشهواني اذا كان شديد الشهوة، والجمع شهاوى كسكارى. وفي
الحديث: ان اخوف ما اخاف عليكم الرياء والشهوة الخفية؛ قال ابو عبيد: ذهب بها بعض
الناس الى شهوة النساء وغيرها من الشهوات، قال: وعندي انه ليس بمخصوص بشيء واحد، ولكنه
في كل شيء من المعاصي يضمره صاحبه ويصر عليه، فانما هو الاصرار وان لم يعمله،
وقال غير ابي غبيد: هو ان يرى جارية حسناء فيفض طرفه ثم ينظر اليها بقلبه
كما كان ينظر بعينه، وقيل: هو ان ينظر الى ذات محرم له حسناء، ويقول في
نفسه: ليتها لم تحرم علي. ابو سعيد: الشهوة الخفية من الفواحش ما لا يحل مما
يستخفي به الانسان، اذا فعله اخفاه وكره ان يطلع عليه الناس؛ قال الازهري: والقول ما
قاله ابو عبيد في الشهوة الخفية، غير اني استحسن ان انصب قوله والشهوة الخفية، واجعل
الواو بمعنى مع كانه قال: اخوف ما اخاف عليكم الرياء مع الشهوة الخفية للمعاصي، فكانه
يرائي الناس بتركه المعاصي، والشهوة لها في قلبه مخفاة، واذا استخفى بها عملها، وقيل: الرياء
ما كان ظاهرا من العمل، والشهوة الخفية حب اطلاع الناس على العمل. انتهى.
فعلم من ذلك ان معنى الشهوة يختلف في اللغة بحسب اختلاف اطلاقها ، فمنها شهوة
الفرج ومنها شهوة الطعام ومنها شهوة السفر الى مكان معين ، وغيرها وذلك كله من
معنى الرغبة.
وعلينا ان ننتبه الى امرين ولا نخلط بينهما ، الشهوة و استحسان المظهر ، فالشهوة
وقد علمنا معناها ، واما استحسان المظهر والعجب فيه فلا يشترط حصول الشهوة به ،
والعكس صحيح ، فكل مشتهي مستحسن ، وليس كل مستحسن مشتهي.
ويجب التنبه الى مسالة اخرى ، وهو ان الشهوة لا يلزم منها انتشار (كما عرفته
انت) او نزول شي معه من مذي ونحوه ، وكذلك فان النظر الى النساء المتبرجات
ليس محرما بقيد (الانتشار) او نزول شيء من المذي او غيره ، لان الله سبحانه
وتعالى يقول: (قل للمؤمنين يغضوا من ابصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك ازكى لهم ان الله خبير
بما يصنعون * وقل للمؤمنات يغضضن من ابصارهن ويحفظن فروجهن) ، والنبي صلى الله عليه
وسلم يقول في بيان حق الطريق: (غض البصر، وكف الاذى ورد السلام، والامر بالمعروف والنهي
عن المنكر.) ولغيرها من الاحاديث والايات الدالة على هذا الامر ، وكلها غير مقيدة بانزال
او انتشار كما هو واضح ومعلوم.
فمعنى التلذذ بالنظر اي التلذذ بالعين والقلب والجوارح كلها مجتمعه ، فكما قال النبي صلى
الله عليه وسلم: (ان الله كتب على ابن ادم حظه من الزنا . ادرك ذلك
لا محالة . فزنى العينين النظر . وزنى اللسان النطق . والنفس تمنى وتشتهي .
والفرج يصدق ذلك او يكذبه ) رواه مسلم.
قال النووي في شرحه لهذا الحديث:
وفي الرواية الثانية ( كتب على ابن ادم نصيبه من الزنا , مدرك ذلك لا
محالة ; فالعينان زناهما النظر , والاذنان زناهما الاستماع , واللسان زناه الكلام , واليد
زناها البطش , والرجل زناها الخطى , والقلب يهوى ويتمنى , ويصدق ذلك الفرج ويكذبه
) معنى الحديث ان ابن ادم قدر عليه نصيب من الزنا , فمنهم من يكون
زناه حقيقيا بادخال الفرج في الفرج الحرام , ومنهم من يكون زناه مجازا بالنظر الحرام
او الاستماع الى الزنا وما يتعلق بتحصيله , او بالمس باليد بان يمس اجنبية بيده
, او يقبلها , او بالمشي بالرجل الى الزنا , او النظر , او اللمس
, او الحديث الحرام مع اجنبية , ونحو ذلك , او بالفكر بالقلب . فكل
هذه انواع من الزنا المجازي , والفرج يصدق ذلك كله او يكذبه . معناه انه
قد يحقق الزنا بالفرج , وقد لا يحققه بالا يولج الفرج في الفرج , وان
قارب ذلك . والله اعلم . انتهى.
وانتبه الى قوله في الرواية الاخرى: (…والقلب يهوى ويتمنى…) والرواية الاولى: (…والنفس تمنى وتشتهي…) ،
فيتبين لك ان محل الشهوة الاساسي هو القلب غير العين الذي هو مبدا وشعلة الشهوة
التي في القلب ، ليقدم بعد ذلك ضعاف النفوس على الفرج وهو المحل الاخير في
قضاء الشهوة ، التي تزيد وتنقص عند الناس بتفاوت قوتهم وملكة انفسهم ، ففي حديث
عائشة رضي الله عنها تبين هذا المعنى حينما سئلت عن جماع المراة الحائض: (كانت احدانا
اذا كانت حائضا امرها رسول الله صلى الله عليه وسلم ان تاتزر في فور حيضتها
ثم يباشرها ، قالت: وايكم يملك اربه كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم
يملك اربه) رواه مسلم والبخاري.