يعتبر شعر المديح باب شعري واسع في اللغة العربية والادب العربي ، ويقسم الى مدح
ذات ، مدح الاخر على اختلاف موقعه من الشاعر ( حبيب، حاكم ، ام ..
الخ ) ومدح الارض والوطن ، وعلى اعتبار ان مدح الحبوب يعتبر تحت باب شعر
الغزل ، نستطيع بهذا ان نحدد فترة ازدهار شعر المديح مراحل تطوره .
كان العرب القدماء يمتدحون قبائلهم ويتغنون بامجادها ويمدحون حروبهم وماربهم بها وشجاعتهم وبعد ظهور الاسلام
وتقليل النزاعات القبلية لا بل الحد منها ، وهنا ظهر الافتخار بالاسلام وبدء الشعراء يهجون
ازمنتهم الجاهلية ويمدحون ما صاروا به من الاسلام ، فظهرت اسماء شعراء في زمن الرسول
–ص- كحسان بن ثابت الذي لقب بشاعر رسول الله الذي كان لا يتوانى عن مدحه
للاسلام في شعره وغيره كثيرون ، اما بعد ذلك وفي زمن الخلفاء ظهر بعد استقرار
الدولة الاسلامية شعراء في بلاط السلاطين والخلفاء يمتدحون الحكام فيمنحون العطايا على هذا المدح ولربما
من اشهر شعراء المدح ،ابو الطيب المتنبي فهو كان مداحا بطريقة يؤخذ عليها انها وصلت
حد المبالغة بالمدح وغيره كانو يتحدون بعضهم في الشعر ومن ضمنه المدح كلون شعري كانوا
نوعا ما يقتاتون منه ، وبتراجع هذه الدولة وقيام مذاهب وفرق اسلامية كثيرة تحول الشعر
ليخدم فكر الفرق فمدحها وافاض كل شاعر مع فرقته في مدحه لها ، وبعد ذلك
في ازمنة تقهقر الدولة ظهر نوع جديد من المدح الا وهو التغني بامجاد سابقة ومن
هنا عادت القبلية من جديد وعاد معها طور الشعر المتفاخر بامجاد شخصية وقبلية وهو حتى
الان قائم بقوة في المجال الشعري بانواعه وانتقل الى الشعراء المعاصرين وشعراء الشارع او الشعر
النبطي او العامي .
ومن بعض قصائد المدح نختار :
المتنبي في قصيدة ارق على ارق ، التي تبدء بوصف حال لذات من دون عشق
، ومدحا للحب كاسلوب الشعر الجاهلي في ابتداء القصائد بالغزل لجذب انتباه المستمع ومن ثم
ينتقل الى مدح بني اوس :
ارق على ارق ومثلي يارق …. وجوى يزيد وعبرة تترقرق
جهد الصبابة ان تكون كما ارى….عين مسهدة وقلب يخفق
ما لاح برق او ترنم طائر…الا انثنيت ولي فؤاد شيق
جربت من نار الهوى ما تنطفي … نار الغضا وتكل عما يحرق
وعذلت اهل العشق حتى ذقته…فعجبت كيف يموت من لا يعشق
وعذرتهم وعرفت ذنبي انني …..عيرتهم فلقيت منهم ما لقوا
ابني ابينا نحن اهل منازل …..ابدا غراب البين فيها ينعق
نبكي على الدنيا وما من معشر …. جمعتهم الدنيا فلم يتفرقوا
اين الاكاسرة الجبابرة الالى…. كنزوا الكنوز فما بقين ولا بقوا
من كل من ضاق الفضاء بجيشه …. حتى ثوى فحواه لحد ضيق
خرس اذا نودوا كان لم يعلموا….ان الكلام لهم حلال مطلق
فالموت ات والنفوس نفائس ….. والمستعز بما لديه الاحمق
والمرء يامل والحياة شهية …..والشيب اوقر والشبيبة انزق
ولقد بكيت على الشباب ولمتي ….. مسودة ولماء وجهي رونق
حذرا عليه قبل يوم فراقه …… حتى لكدت بماء جفني اشرق
اما بنو اوس بن معن بن الرضى …..فاعز من تحدى اليه الاينق
كبرت حول ديارهم لما بدت ….. منها الشموس وليس فيها المشرق
وعجبت من ارض سحاب اكفهم …. من فوقها وصخورها لا تورق
وتفوح من طيب الثناء روائح …. لهم بكل مكانة تستنشق
مسكية النفحات الا انها ……..وحشية بسواهم لا تعبق
امريد مثل محمد في عصرنا …. لا تبلنا بطلاب ما لا يلحق
لم يخلق الرحمن مثل محمد …… احدا وظني انه لا يخلق
يا ذا الذي يهب الكثير وعنده … اني عليه باخذه اتصدق
امطر علي سحاب جودك ثرة …. .وانظر الي برحمة لا اغرق
كذب ابن فاعلة يقول بجهله … مات الكرام وانت حي ترزق
ومن الشاعر محمدالجواهري قصيدة في مدح ملك الاردن الراحل الحسين بن طلال’
يا سيدي اسعف فمي ليقولا
في عيد مولدك الجميل جميلا
اسعف فمي يطلعك حرا ناطفا
عسلا، وليس مداهنا معسولا
يا ايها الملك الاجل مكانة
بين الملوك ، ويا اعز قبيلا
يا ابن الهواشم من قريش اسلفوا
جيلا بمدرجة الفخار ، فجيلا
نسلوك فحلا عن فحول قدموا
ابدا شهيد كرامة وقتيلا
لله درك من مهيب وادع
نسر يطارحه الحمام هديلا
يدني البعيد الى القريب سماحة
ويؤلف الميئوس والمامولا
يا ملهما جاب الحياة مسائلا
عنها ، وعما الهمت مسؤولا
يهديه ضوء العبقري كانه
يستل منها سرها المجهولا
يرقى الجبال مصاعبا ترقى به
ويعاف للمتحدرين سهولا
ويقلب الدنيا الغرور فلا يرى
فيها الذي يجدي الغرور فتيلا
يا مبرئ العلل الجسام بطبه
تابى المروءة ان تكون عليلا
انا في صميم الضارعين لربهم
الا يريك كريهة ، وجفيلا
والضارعات معي ، مصائر امة
الا يعود بها العزيز ذليلا
فلقد انرت طريقها وضربته
مثلا شرودا يرشد الضليلا
واشعت فيها الراي لا متهيبا
حرجا ، ولا مترجيا تهليلا
يا سيدي ومن الضمير رسالة
يمشي اليك بها الضمير عجولا
حجج مضت ، واعيده في هاشم
قولا نبيلا ، يستميح نبيلا
يا ابن الذين تنزلت ببيوتهم
سور الكتاب ، ورتلت ترتيلا
الحاملين من الامانة ثقلها
لا مصعرين ولا اصاغر ميلا
والطامسين من الجهالة غيهبا
والمطلعين من النهى قنديلا
والجاعلين بيوتهم وقبورهم
للسائلين عن الكرام دليلا
شدت عروقك من كرائم هاشم
بيض نمين خديجة وبتولا
وحنت عليك من الجدود ذؤابة
رعت الحسين وجعفرا وعقيلا
هذي قبور بني ابيك ودورهم
يملان عرضا في الحجاز وطولا
ما كان حج الشافعين اليهم
في المشرقين طفالة وفضولا
حب الالى سكنوا الديار يشفهم
فيعاودون طلولها تقبيلا
يا ابن النبي ، وللملوك رسالة،
من حقها بالعدل كان رسولا
قسما بمن اولاك اوفى نعمة
من شعبك التمجيد والتاهيلا
اني شفيت بقرب مجدك ساعة
من لهفة القلب المشوق غليلا
وابيت شان ذويك الا منة
ليست تبارح ربعك الماهولا
فوسمتني شرفا وكيد حواسد
بهما اعز الفاضل المفضولا
ولسوف تعرف بعدها يا سيدي
اني اجازي بالجميل جميلا
ويقال في مدح الوطن ايضا قصائد لا تعدي ولا تحصى ومنها :
وطني احبك لابديل
اتريد من قولي دليل
سيضل حبك في دمي
لا لن احيد ولن اميل
سيضل ذكرك في فمي
ووصيتي في كل جيل
حب الوطن ليس ادعاء
حب الوطن عمل ثقيل
ودليل حبي يا بلادي
سيشهد به الزمن الطويل
فا نا اجاهد صابرا
لاحقق الهدف النبيل
عمري ساعمل مخلصا
يعطي ولن اصبح بخيل
وطني ياماوى الطفوله
علمتني الخلق الاصيل
قسما بمن فطر السماء
الا افر ط في الجميل
فانا السلاح المنفجر
في وجه حاقد او عميل
وانا اللهيب المشتعل
لكل ساقط او دخيل
ساكون سيفا قاطعا
فانا شجاع لاذليل
عهد عليا يا وطن
نذر عليا ياجليل
ساكون ناصح مؤتمن
لكل من عشق الرحيل
ومن اجمل قصائد المدح قصيدة احمد شوقي في مدح الرسول
ولد الهدى فالكائنات ضياء *** وفم الزمان تبسم وسناء
الروح والملا الملائك حوله *** للدين والدنيا به بشراء
والعرش يزهو والحظيرةتزدهي *** والمنتهى والسدرة العصماء
والوحي يقطر سلسلا من سلسل *** واللوح والقلم البديع رواء
يا خير من جاء الوجود تحية *** من مرسلين الى الهدى بك جاؤوا
بك بشر الله السماء فزينت *** وتوضات مسكا بك الغبراء
يوم يتيه على الزمان صباحه *** ومساؤه بمحمد وضاء
يوحي اليك النور في ظلمائه *** متتابعا تجلى به الظلماء
والاي تترى والخوارق جمة *** جبريل رواح بهاغداء
دين يشيد اية في اية *** لبنائه السورات والاضواء
الحق فيه هو الاساس وكيف لا *** والله جل جلاله البناء
بك يا ابن عبدالله قامت سمحة *** بالحق من ملل الهدى غراء
بنيت على التوحيد وهو حقيقة *** نادى بهاسقراط والقدماء
ومشى على وجه الزمان بنورها *** كهان وادي النيل والعرفاء
الله فوق الخلق فيها وحده *** والناس تحت لوائها اكفاء
والدين يسر والخلافة بيعة *** والامر شورى والحقوق قضاء
الاشتراكيون انت امامهم *** لولا دعاوي القوم والغلواء
داويت متئدا وداووا طفرة *** واخف من بعض الدواء الداء
الحرب في حق لديك شريعة *** ومن السموم الناقعات دواء
والبر عندك ذمة وفريضة *** لا منة ممنوحة وجباء
جاءت فوحدت الزكاة سبيله *** حتى التقى الكرماء والبخلاء
انصفت اهل الفقر من اهل الغنى *** فالكل في حق الحياة سواء
يا من له الاخلاق ما تهوى العلا *** منها ومايتعشق الكبراء
زانتك في الخلق العظيم شمائل *** يغرى بهن ويولع الكرماء
فاذا سخوت بلغت بالجود المدى *** وفعلت ما لا تفعل الانواء
واذاعفوت فقادرا ومقدرا *** لا يستهين بعفوك الجهلاء
واذا رحمت فانت ام او اب *** هذان في الدنيا هما الرحماء
واذا خطبت فللمنابر هزة *** تعرو الندىوللقلوب بكاء
واذا اخذت العهد او اعطيته *** فجميع عهدك ذمة ووفاء
يامن له عز الشفاعة وحده *** وهو المنزه ماله شفعاء
لي في مديحك يا رسول عرائس *** تيمن فيك وشاقهن جلاء
هن الحسان فان قبلت تكرما *** فمهورهن شفاعة حسناء
ما جئت بابك مادحا بل داعيا *** ومن المديح تضرع ودعاء
ادعوك عن قومي الضعاف لازمة *** في مثلها يلقى عليكرجاء