الديون هي من اثقل الهموم على كاهل الشخص، فهي لا تريحه لا في يقظته ولا
في منامه، فيظل مشغول البال بها وبطريقة
تسديدها، فالدين هو حق مالي للعبد على العبد، فمن ياخذ مالا من اي شخص كان
يسمى “مدين”، والذي اعطى المال
يسمى “دائن”. والمدين في هم طالما ان دينه لم يسدد، لدرجة ان الشهيد لا يدخل
الجنة اذا كان عليه دين؛ حتى يسامحه من
داينه او يسدد عنه ورثته دينه.
قال احد الحكماء قديما “اني حملت الحديد والصخر فلم اجد اثقل من الدين”، نظرا لما
فيه من تعب نفسي على المدين لحين سداد دينه.
كما ان الله سبحانه وتعالى لا يتهاون في حق العباد على بعضهم، نعم هو الغفور
الرحيم؛ ولكن فيما يختص بحقه جل وعلا، اما
في حق العبد فلا، ولذلك نرى ان اول ما يؤخذ من تركة المتوفي هو ما
يدين به للناس؛ ثم توزع باقي التركة على الورثة.
ونظرا لما في الدين من خطورة من الناحية الدينية؛ فقد قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم (من اخذ اموال الناس يريد اداءها ادى الله عنه، ومن اخذ يريد اتلافها
اتلفه الله)، فان كان ينوي ان يرد المال؛ ييسر الله له السبل حتى يؤدي ما
عليه من ديون، اما ان كانت نيته – والعياذ بالله – ان ياخذ المال ولا
يعيده؛ فان الله سيبتليه بامور تفقره ولا يعود قادرا لا على تسديد دينه ولا الاستدانة
مرة اخرى.
ان الانسان ذو النية لصافية والذي ينوي من كل قلبه ان يعيد المال الى اصحابه؛
سيجد ان الله في عونه، يسهل له سبل الرزق حتى يؤدي ما عليه. ولكن النية
وحدها لا تكفي، فيجب عليه ان يقوم بتسديد ديونه ولو على فترات؛ حتى يتخلص من
هذا العبء. فلو كان موظفا وعليه ديون؛ يمكن ان يقتطع كل شهر من راتبه مبلغا
ويقوم بدفعه لمن اعطاه، لا يهم ان كان المبلغ كبيرا او صغيرا، فالقليل يجتمع ليصبح
كثيرا، فيجد نفسه وقد سدد ما عليه بعد فترة من الزمن. اما ان كان تاجرا؛
فيجب عليه ان ياخذ جزءا من ارباح كل عملية يقوم بها ليدفعها الى دائنيه، بهذه
الطريقة سيسدد ما عليه خلال بضع صفقات؛ ويكون بين الناس محمودا.
ان الانسان الذي يستدين من احد ويعطيه وعدا بان يرد له المال في وقت معين؛
يجب عليه او يوفي بهذا الموعد مهما جار على نفسه، فلا يقول سؤجل الدفع للشهر
القادم او حتى الاسبوع القادم، فبهذه الطريقة سيزيد دينه ويكبر عبؤه، فلن يستطيع ان يوفي
التزامه لانه نوى التاخر عن موعده؛ كما وانه قد يضطر الى الاستدانة ليكمل النقص الحاصل
في دخله. التزم بالوعد الذي تقطعه على نفسك، فمن اعطاك ماله قك عنك ازمة؛ وكان
في نيته ان يسترد ماله في ذلك الوقت، واخلافك الوعد قد يؤدي الى الاضرار به.
لا تتهرب من الدائنين، بل اهرب اليهم، وذلك بان تشرح لهم ظروفك الحالية وانك تريد
سداد ما عليك ولكن الوضع الحالي لا يسعفك، وقل لهم وانت صادق بانك ستسدد ما
عليك عن طريق دفعات شهرية على سبيل المثال، والتزم معهم بما تعد، وستجد – باذن
الله – ان وضعك سيتحول الى الاحسن؛ وان الله سييسر لك السبل لتقضي ما عليك،
ولكن كن صادقا مع نفسك ومع الله؛ فيجعل الله قلوب عباده تلين لاجلك؛ وتتحرر من
قيد الدين الذي يكبلك.