خير البشر نبي الله أبو القاسم محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم
بن عبد مناف بن قصي بن كلاب -صلى الله عليه وسلم-، رسولُ الله وخاتم المرسلين
وإمام الأنبياء .
بحث عن المولد النبوي الشريف في بداية بحث عن المولد النبوي الشريف يجدر بالذكر المرور
على بعض الأقوال في ولادة رسول
الله -صلى الله عليه وسلم-، فقد ولدَ رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- في مكة
المكرمة وتحديدًا في يوم الإثنين الموافق للثاني
عشر من شهر ربيع الأول، إلا أنَّ هذا القول هو القول الراجح لكنَ أهل السير
والمؤرخين اختلفوا كثيرًا في تحديد اليوم الذي ولدَ فيه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-،
فمنهم من قال أنَّه ولدَ في
الثاني من شهر ربيع الأول ومنهم من قال أنه ولدَ في اليوم الثامن أو التاسع
من نفس الشهر، إلا أنَّ الراجح كما سبقَ في الثاني عشر من ربيع الأول في
عام الفيل الموافق لعام 571م بعد الحادثة
بخمسين يومًا فقط، وقد كان يوم مولدُ النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- يومًا مشرقًا على
البشرية كلها، وفيه أعظم حادثة أكرمَ الله تعالى بها عباده بولادة محمد -صلى الله عليه
وسلم- لإرساله برسالة الإسلام العظيمة، وفي الحديث الطويل عن أبي قتادة الأنصاري
قال: “وَسُئِلَ رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- عن صَوْمِ يَومِ الاثْنَيْنِ؟ قالَ: ذَاكَ يَوْمٌ
وُلِدْتُ فِيهِ، وَيَوْمٌ بُعِثْتُ، أَوْ أُنْزِلَ عَلَيَّ فِيهِ”، وهذا دليل على عظمة ذلك اليوم الذي
أوصى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بصيامه.
ومن المعروف أنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خاتمُ الأنبياء وقد فضَّله الله تعالى
على جميع أنبيائه ورسله، وفي بحث عن
المولد النبوي الشريف لا بدَّ من ذكر فضل النبي -صلى الله عليه وسلم- فقد أعطاه
الله تعالى الشفاعة للناس وفي ذلك تفضيل على جميع الأنبياء والمرسلين، قال تعالى: {وَمِنَ اللَّيْلِ
فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَّكَ عَسَىٰ أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَّحْمُودًا}[٤]،
وفي الحديث عن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: “إنَّ النَّاسَ يَصِيرُونَ يَومَ القِيَامَةِ جُثًا،
كُلُّ أُمَّةٍ تَتْبَعُ نَبِيَّهَا يقولونَ: يا فُلَانُ اشْفَعْ، يا فُلَانُ اشْفَعْ، حتَّى تَنْتَهي الشَّفَاعَةُ إلى
النبيِّ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ-، فَذلكَ يَومَ يَبْعَثُهُ اللَّهُ المَقَامَ المَحْمُودَ”
وفي الحديث الذي رواه أبو هريرة -رضي الله عن- أنَّ رسول الله -صلى الله عليه
وسلم- قال: “أنا سَيِّدُ ولَدِ آدَمَ يَومَ القِيامَةِ، وأَوَّلُ مَن يَنْشَقُّ عنْه القَبْرُ، وأَوَّلُ شافِعٍ
وأَوَّلُ مُشَفَّعٍ”
، وفي هذا الحديث يؤكدُ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنَّه أشرف الخلق وسيِّد
البشر أجمعين.
وفي بحث عن المولد النبوي الشريف سيُشار إلى تاريخ الاحتفال بالمولد النبوي الشريف الذي لم
يكن موجودًا في القرون الثلاثة الأولى من عمر الدولة الإسلامية والدين الإسلامي الحنيف، فلم يعرف
المسلمون الاحتفال بالمولد النبوي إلا في زمن الفاطميين،
فبعدَ أن استلم الفاطميون الحكم وخرجوا على الخلافة العباسية في بلاد الشام وفي مصر، لم
يرضَ المسلمون على حكمهم وما يحدثونه من أمور، ولم تعحبهم طريقتَهم في الحكم وإدارة الأمصار
الإسلامية التي تقع تحت حكمهم، ففكروا في إحداث أمور يمكن أن يكسبوا بها قلوب المسلمين
ومشاعرهم، فأحدث الخليفة آنذاك المُعزُّ لدين الله العبيدي الاحتفالات بمولد النبي -صلى الله عليه وسلم-
إضافةً إلى الاحتفالات بمولد فاطمة الزهراء وعلي بن أبي طالب
وولديهما الحسن والحسين -رضي الله عنهم أجمعين-، ومنذ ذلك اليوم انتشر الاحتفال بالمولد النبوي الشريف
ومازالت الاحتفالات تُقام إلى اليوم في هذه المناسبة العظيمة.
ولا بدَّ في نهاية بحث عن المولد النبوي الشريف أن يتمَّ ذكر حكم الاحتفال بمولد
النبيِّ -صلى الله عليه وسلم-، رغمَ وجود خلاف بين علماء الدين من أهل الفقه والتشريع
على حكمه فقد أباحه بعضهم
ولم يجد فيه من حرج، إلا أنَّ القول الراجح والذي عليه جمهور العلماء هو أنَّ
رغم مكانة النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- الكبيرة في قلوب ونفوس المسلمين، ورغم كل الحب
والتوقير والتعظيم التي
تكنِّه الأمة له ورغم عظمة ذلك اليوم إلا أنَّ الاحتفال بالمولد النبوي الشريف بدعة لم
يحتفل فيها النبي -صلى الله عليه وسلم- ولا الصحابة ولا التابعين من بعده مع العلم
أنَّ السبب نفسه موجود
للاحتفال، فهذه الاحتفالات وغيرها من الأمور المحدثة في الدين، وفي الحديث الذي روته السيدة عائشة
-رضي الله عنها- أنَّ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- قال: “مَن أحْدَثَ في أمْرِنا
هذا ما ليسَ
منه فَهو رَدٌّ” ولكن يجبُ أن يتبلور حب النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- وتعظيمه من
خلال اتِّباع سنَّته والالتزام بما جاء به من عند
ربِّه تبارك وتعالى، قال تعالى: {قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ
ذُنُوبَكُمْ ۗ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ}[١٠]، والله تعالى أعلم.