ان تاريخ هذه الالة شغل العديد من المؤرخين و الباحثين في تاريخ الموسيقى العربية و
الشرقية, العرب منهم و الاجانب.
و لم يقفوا على تاريخ موحد لهذه الالة العتيقة, كونها متجدرة في التاريخ الحضاري للانسان.
و بعد البحث و المقارنة و الوقوف
على المفارقات التاريخية, اتضح لنا ان تاريخ هذه الالة يعود الى عهود غابرة في التاريخ
الانساني. و من تم تاكد لنا ان هذه الالة
تواجدت في جل الحضارات العالمية باشكال مختلفة من حيث الحجم و الشكل و لكن شخصية
الة العود تبقى بارزة و ظاهرة من
حيث التسمية او طريقة التناول من حيث العزف.
اختلف المؤرخون و الباحثون حول اصل العود وتاريخه ما قبل الاسلام ، نذكر منها ماجاء
في تاريخ الكامل ( للمبرد ) ان اول من
صنع العود هو نوح ( عليه السلام ) واختفى بعد الطوفان . وقيل اول من
صنعه احد ملوك الفرس المسمى ( جمشيد ) واسماه ( البربط ) . ويرى الباحث
الكبير و المتخصص في الموسيقى العربية ( فارمر ) ان العود الخشبي اقتبسه العرب من
( الحيرة ) بدلا من عودهم الجلدي، وهو عود ذو وجهين من الجلد . و
يذكر بعضهم ان الة العود ظهرت عند قدماء المصريين منذ اكثر من 3500 سنة حيث
عرفت الدولة الحديثة التي بدات عام 1600 ق.م. وهو العود ذو الرقبة القصيرة . كما
عثر في مدافن ( طيبة ) على عود فرعوني ذي رقبة طويلة وريشته الخشبية معلقة
بحبل في العود , ويرجع عهده الى( 1300 ق.م. ) .
ان الدراسة المقارنة التي قام بها الدكتور ( صبحي انور رشيد ) لاثار العراق ومصر
وسوريا وفلسطين وتركيا وايران قد اثبتت ان اقدم ظهور للعود كان في العراق وذلك في
العصر الاكدي حوالي ( 2350-2170ق.م) على ضوء ختمين اسطوانيين يمتلكهم المتحف البريطاني . ونظرا لعدم
وجود اثار ذات مشاهد لهذه الالة في العصر السومري القديم ، لذلك لم ينسب اختراع
هذه الالة الى السومريين بل للاكديين . ثم انتشر العود في انحاء العراق واصبح الالة
المفضلة في العصر البابلي القديم ( 1950-1530ق.م. ) حيث كان شكل صندوقه الصوتي بشكل الكمثرى
وصغير الحجم ، واستمر على هذا الشكل حتى العصور المتاخرة من تاريخ العراق القديم .
اما ايران ، فقد عرفت العود منذ القسم الاخير من القرن السادس عشر ق.م. وهو
العصر الذي اعقب نهاية العصر البابلي القديم .
وفي تركيا ، ومن المواقع والمدن القديمة الواقعة فيها وفي شمال سوريا والتي يعود اقدمها
الى نهاية الالف الثاني قبل الميلاد ، وترجع البقية الى الالف الاول قبل الميلاد .
وفي فلسطين ، تعود اقدم الاثار التي تحمل مشاهد العود الى العصر البرونزي المتاخر 1600-1300ق.م)
واذا كانت العديد من المصادر العربية قد جعلت ” لامك ” هو مخترع العود فان
التوراة تجعل ” يوبال بن لامك ” من سلالة قايين(1) بن ادم ابا لكل ضارب
على العود. واتفق بعض الكتاب من العرب والفرس ممن كتبوا عن الموسيقى وتحدثوا عن الة
العود فمنهم من يقول ان الة العود جاءتهم من اليونان و منهم من يرى ان
” فيثاغورث ” الملقب يلقبونه بمناظر ( سليمان الحكيم ) هو الذي اخترعه بعد ان
اكتشف توافق الاصوات الموسيقية، والبعض الاخر يعزو هذا الاختراع الى ” افلاطون.
العود في الحضارات القديمة
لا يمكن لاحد ان يتحدث عن تاريخ الة العود دون ان يقوم بجرد تاريخي لاهم
المراجع التاريخية لهده الالة.
الة العود عند الصينيين
و قد عرفت الحضارة الصينية الاولى نوعا من العيدان قبل ميلاد المسيح عليه السلام, عرف
باسم العود الوطني, و كان من الالات الاساسية في الموسيقى الصينية القديمة التي يعتمد عليها
في التلحين و مصاحبة الغناء, الى جانب القانون الصيني و السيتارة المكونة من 25 الى
27 وترا.
ظهر الة العود الصيني المعروف ( البيبا) شكلها البدائي قبل اكثر من 2000 سنة. وتحسنت
باستمرار في التاريخ، واستفادت من الميزات الرئيسية لالة بيبا ذات الجزء الاعلى الملتوي التي دخلت
من اواسط اسيا الى الصين في القرنين الخامس والسادس.
الة العود في الهند
كما عرفت الحضارة الهندية القديمة انواعا كثيرة من العيدان, اشهرها: الة العود المعروف باسم ڤينا
(Vinà) و يحتل هدا العود المرتبة الاولى في الموسيقى الهندية القديمة و كان ظهوره قبل
2000 سنة ق- م.
ظهرت في الهند القديمة (3200 ق. م ) اشكال متعددة من العيدان ذي الرقبة العريضة،
والتي كان تنتمي الى عائلة (الطنبور السيتار) التي كانت معروفة في جنوب غرب اسيا، ويتميز
حجم هذا العود بشكله الكمثرى الصغير، ووجهه الخشبي الرنان، كما يتميز برقبته الطويلة المستقيمة الضخمة،
وعليها لوحة مسطحة عليها الدساتين المعدنية للعفق عليها بالاصابع (مثل دساتين القيثارة )، وعليها اوتار
معدنية ويعزف عليه بواسطة ريشة من السلك الدقيقة وتمسك بابهام وسبابة اليد اليمنى، ويسمى هذا
العود (بالسيتار) وتعني بالفارسية (ثلاثي الاوتار) وان كانت هذه التسمية توحي بان للالة ثلاثة اوتار.
الة العود في اليابان
عرفت الحضارة اليابانية القديمة (570 ق. م ) نوعا من العيدان لا يخرج عن الة
العود التي عرفتها الحضارات الاخرى ، من حيث الشكل والتصميم الذي يتالف من صندوق مصوت
صغير ، وله رقبة عليها الاوتار المربوطة على وجه الصندوق حتى المفاتيح التي تقع على
طريق الرقبة لكي تسوى بها الاوتار ، و الة العود الياباني تحتوي على ثلاثة الى
اربعة مفاتيح يمكن استخراج السلم الخماسي في حدود ديوانين او(كتافين), بينما هذه الالة في الهند
كان يتراوح عدد اوتارها بين الاربعة وسبعة اوتار
العود الفرعوني – مصر العربية
اما الحضارة المصرية الاولى في عهد المملكة الحديثة حوالي 1580 – 1090 ق.م. عرف الفراعنة
الاولون الة العود التي اتت من بلاد الشام. فاعتمدوا عليها في اداء طقوسهم الدينية و
احياء حفلاتهم الى جانب الة الهارب و السيتارة, هذه الاخيرة اخذها المصريون عن سوريا.و قد
ظهر نوع من العيدان الفرعونية يطلق عليه العود الكمثري ابان الاسرة 25 حوالي سنة 750
قبل الميلاد, و قد وجد منه
ثلاثة احجام في مقبرة ابو صير الملا بالقرب من بني سويف, و هو الان يوجد
بمتحف الفنون بالمانيا.عرف قدماء المصريين في عهد الدولة الحديثة ۱۵۸۰-۱۰۹۰ ق.م الة العود بنوعيها :
1- العود ذو الزند قصير وهو احد انواع الة العود الذي يشبه العود المصري المعاصر،
وكان ذلك العود عبارة عن الة ذات صندوق بيضاوي الشكل غالبا رقيق الجدران، وقد عثر
عليه في مدافن طيبة ، ويرجع عهده الى ( 1300 ق.م. ) ويدق على اوتار
بريشة من الخشب كانت تربط بحبل في العود.
-2العود بزنده الطويل و يشبه الة الطنبور والبزق و بزنده علامات تبين عفق الاصابع على
الاوتار، وهي ما يسميه العرب (بالدساتين (،ذو صندوق بيضاوي الشكل في الغالب،
وطريقة استعمال هذه الالة انها كانت تحمل على الصدر او توضع راسية تشبه في دلك
الرباب المصري، ويعد ظهور هده الالة برهانا دامغا على ما وصلت اليه المدنية الموسيقية عند
المصريين الاولون في تلك الحقبة من تاريخ مصر العريق, لان تلك الالة تعد من ادق
الالات الوترية التي يتم العفق عليها لاخراج مختلف الدرجات الصوتية .
و تجدر بنا الاشارة في هذا الباب بان ننوه بالحضارات السورية التي كان لها الاثر
الكبير في نقل صناعة الة العود و ما شابهه من الالات الوترية, من شرق اسيا
الى شبه الجزيرة العربية انداك. و من تم الى باقي سائر البلدان العربية. و بعد
توالي الحضارات بين سوريا و العراق جعلت من هاذين البلدين المهد الاول لالة العود العربي.
و ظهر العود في ايران لاول مرة في القرن الخامس عشر قبل الميلاد و يرجع
الباحث الاثري العراقي الاستاذ صبحي انو رشيد تاريخ هذه الالة للعصر الاكاديj (2150-2350ق- م) بحيث
تم العثور على منحوتات يرجع تاريخها الى القرن الخامس عشر قبل الميلاد في مدن كركميشي
و سنجرلي على لوح طيني من مدينة نوزي و ختم سلطاني لملك الكاشيين القرن الرابع
عشر ق-م الدين اسقطوا الامبراطورية البابلية سنة 1594 ف.م
و يؤكد التاريخ ما اثبته الباحثون ان اقدم ظهور لالة العود كان في بلاد ما
بين النهرين , و ذلك في العصر الاكادي و ذلك على ضوء ختمين اسطوانيين وقد
نشرتهما السيدة فان يورن في عام 1933 لاول مرة وترجع تاريخهما الى العصر الاكادي و
الموجودان بالمتحف البريطاني تحت رقم ب م28806 و ب م89096 بلندن, و قد ذكرهما الباحث
العراقي الكبير انور رشيد و نشرهما الدكتور بومر المتخصص في الحضارات القديمة. و غيرها من
الاثار والنقوش كالمنحوتة التي اكتشفت في موقع كركميش او قرقميش (جرابلس) شمال سورية و تحتوي
على مشهد لعازف واقف يعزف على العود القديم ذي الرقبة الطويلة و قد مسكه بصورة
مائلة للاعلى, و يعود تاريخ هذا الاثر الى بداية الالف الاول قبل الميلاد
الة العود في الحضارة الاشورية
الاشوريون هم قوم ساميون. استوطنوا القسم الشمالي من العراق منذ عام 1720 ق.م.. برزوا كقوة
منافسة في الشرق القديم مع بدايات الالف الاول قبل الميلاد حين استطاع ملكهم اداد نيراري
الثاني اخضاع الاقاليم المجاورة ، وتحالف مع بابل ، وبه بدات الفتوحات الاشورية التي اسست
صرح اعظم امبراطورية في تاريخ الشرق القديم . وابتداء من زمن حكم هذا الملك ارخ
الاشوريون اخبارهم بالطريقة المعروفة باسم ” اللمو ” ، وهي اعطاء تاريخ كل سنة يحكم
فيها موظف كبير او ابتداء من اعتلاء الملك العرش . من اشهر ملوكهم : اشور
ناصر بال الثاني : 884-858 ق. م. وسنجاريب : 705-681 ق. م. واشور بانيبال :669-629
ق.م. العود في اشور امتاز بكثرة دسا تينه، وكان كبير الشبه بالنقوش التي ظهرت لالة
العود عند قدماء المصريين، وكان العود ذو الرقبة الطويلة يسمى (بالطنبور الاشوري ) وتلك الالة
ما زالت موجودة في نفس المنطقة الي الان، وبنفس الشكل والاسم، ومنتشرة في كل من
سوريا ولبنان والاردن وتركيا.
الة العود عند البابليين
حتى العصر البابلي القديم 1950 – 1530 ق.م لم يكن هذا العود على شكله الحالي،
بل امتاز العود الاول بصغر صندوقه الصوتي المصنوع من الخشب اصغر و طول رقبته و
كان العود الالة المفضلة لدى الناس و استمر بشكله الكمثري الصغير الحجم حتى العصور المتاخرة
و كان في البداية خاليا من المفاتيح و بدا بوتر واحد ثم بوترين و ثلاثة
و اربعة حتى اضاف اليه زرياب الوتر الخامس. ، ولم يثبت علميا حتى الان واضع
الاوتار ومخترعها. لقد كانت بابل وسومر وما حولهما من البلاد اول من عرف العيدان او
الالات الوترية ذات الرقبة التي لا تصدر اصواتها بالانتقال من وتر لاخر ، بل بالضغط
على الوتر (العفق) اي تقصير الوتر عند مواضيع مختلفة. و كما يذكر الاستاذ و الباحث
العراقي احمد مختار(1) ان هذا النوع من العيدان كان يحتوي على العتب (الدساتين) و على
مفاتيح (ملاوي) تربط فيها الاوتار، لكل مفتاح وتر واحد، حيث كانت الاوتار مفردة وليست مزدوجة
كما هي اليوم, وفي حين كان العزف تتم على العود باليد اليسرى لجس الاوتار من
ناحية الزند (العنق) وباليد اليمنى للضرب على الاوتار في نقطة بالقرب من مقدمة الصندوق الصوتي،
لم تكن الريشة انذاك مستخدمة (بالنسبة لليد اليمنى)، بل كان الضرب يتم بواسطة اصبعي السبابة
والابهام. و قد كان العازف لهذا العود يختلف عن الطريقة الحالية التي تمسك بها الة
العود الحالي. فقد كان يمسك بصورة مائلة للاعلى حتى العصر(2) الهيلينستي 333 ق.م- 64ق.م لتصبح
طريقة الامساك بالة العود مائلة نحو الاسفل. كما استمر استعمال الة العود في العصر السومري
الحديث 1950- 2100 ق.م، فصارت الالة المفضلة في عموم العراق القديم كما دلت الاثار المكتشفة
في عدة مدن عراقية وخاصة انه عثر على اثار للالة العود تعود الى عصر حمورابي
والعصر الكشي والبابلي الحديث، فبالاجماع العود الة عراقية.
هناك مجموعة اثار(1) تثبت استعمال الة العود في العراق منذ الالف الثالث قبل الميلاد من
قبل الاكاديين وهم ساميون شرقيون قبل استعماله من قبل الساميين الغربيين في سورية وفلسطين في
الالف الثاني قبل الميلاد. كما يؤكد الباحث علي القيم ان اقدم الاثار السورية عن الة
العود يعود تاريخها الى نهاية الالف الثاني قبل الميلاد, من هذه الاثار منحوتة جاءتنا من
موقع – كركميش او قرقميش – جرابلس(2) – في شمال سورية وتحتوي على مشهد لعازف
واقف يعزف على العود القديم ذي الرقبة الطويلة
.
العود في بلاد فارس
.
لقد عرفت بلاد فارس (ايران حاليا) الة العود منذ القسم الاخير من القرن السادس عشر
ق.م. وهو العصر الذي اعقب نهاية العصر البابلي القديم
كما اثبت التاريخ ان الفرس 550 ق.م – 330 ق.م قد احتلوا مصر الفرعونية، وقد
نقلوا من حضارتها الكثير من الفنون والعلوم، فنقلوا مجموعة كبيرة من الالات الموسيقية الى بلادهم
اهمها العود والبزق او الطنبور و الات اخرى كالناي والجنك (وهي الة الهارب الفرعونية )
وشاع استخدام الة العود والطنبور وكان العود يسمى عندهم (بالبر بط هده الكلمة مكون من
شطرين معناهما: صدر البط ) وكان جسم العود عند الفرس اقرب الى الضيق والصغير وقد
ازدهر العود في بلاد فارس واحتل مكانة عظيمة فيها نظرا لازدهار الموسيقى وتقدمها حضاريا على
بلاد العرب في الفنون الموسيقية بعد ان تبوات مكان الزعامة بعد المدنيات المصرية الفرعونية والاشورية
الة العود عند اليونان
و لا ننسى ان الحضارات الشرقية تاثرت كثيرا بالحضارة اليونانية فقد اخذت عنها الكثير من
العلوم نذكر منها على سبيل المثال لا للحصر: علم الفلك و الرياضيات و علوم الموسيقى
و فنونها, و يعد الفيلسوف اليوناني الكبير (ابيلار) j احد العازفين المبدعين في العزف على
الة العود البدائي و عالم الرياضياتkبيتاغورس الذي عاصر النبي سليمان بن داود عليه السلام (الصورة).
يرجح بعض المؤلفين العرب و الفارسيين ممن اهتموا بالموسيقى و اصولها ان الة العود اخذوها
العرب عن الحضارة اليونانية، وان الفيلسوف فيثاغورث هو الذي اخترعه بعد ان اكتشف توافق الاصوات
الموسيقية، والبعض الاخر يعزو هذا الاختراع الى افلاطون(عاش بين 427 ق.م – 347 ق.م) lوكان
يسمى العود في اليونان (باربتوس). ومن خلال هذا العرض التاريخي الموجز لالة العود في الحضارات
القديمة نجد ان تلك الحضارات كانت متماثلة في طرق تفكيرها، و في اساليب استخدامها للموسيقى
(الحانها والاتها ) خاصة الة العود، مشتركة في اساس واحد من القواعد والنظريات، وفي استخدامها
في المناسبات الدينية والدنيوية
الة العود في العصر الجاهلي
ان تاريخ منطقة شبه الجزيرة (قبل ظهور الاسلام – 622 م) يقف شاهدا على تفوق
بلاد فارس (ايران حاليا ) في جل مجالات الموسيقى التي نقلتها بعد استيلائها على بلاد
مصر ابان الحكم الفرعوني و تاثرها الواضح بالمدنية الاشورية و لا يفوتنا ذكر مكانة بلاد
اليونان التي لا تقل زعامة عن بلاد فارس وقتها في العديد من العلوم و على
راسها علم الموسيقى , و هذا ما جاء في كتاب الاغاني الذي يؤرخ لهذه الحقبة
الزمنية من تاريخ الموسيقى العربية. ولقد دخلت الة العود في هذا العصر على يد ”
سليمان الفارسي ” فاطلق العرب على هذه الة اسماء مختلفة اشهرها: (البربط)(1) و تعني باب
النجاة , و (ذو العتب), (ذو الزير), و(المستجيب ), و (المعزاف), ثم (المزهر او الموتر).
واستخدم عرب الجاهلية الة المزهر وهي وترية تشبه العود وجهها من الرق وابرز عازفيه في
هذا الزمان سعيد بن مسجح و وابن جامع و حبابة وسلامة وابن السريح. واستمر الاخير
في عزف العود في صدر الاسلام ايضا. وعزف ابن الحارث من بعد في عهد الخلفاء
الراشدين.
الة العود عند العرب
و قد تداول العرب العزف على الة العود مدة من الزمن حتى بزوغ الدعوة الاسلامية,
حيث جعلت من المدينة المنورة محج العديد من العلماء و المؤلفين و المبدعين في مجال
الموسيقى و ادابها, فدخلت الة العود الى تاريخ الموسيقى العربية من بابه الواسع لما لقيت
هذه الالة من جلال القدر و رفعة المنزلة من لدن العرب فجعلوه الالة الاولى في
الموسيقى العربية.
و مما لا شك فيه ان ظهور الة العود عند العرب و مما يؤكده لنا
كتاب الاغاني لابي الفرج الاصبهاني كان على يدي ابن سريج و سائب خاثر.
ابن سريج(1) الذي كان من الباحثين المميزين في مجال صناعة العود و الملم بثقافة موسيقية
واسعة جعلته يتاثر بصناعة عيدان الفرس وقتها، فكان اول من صاحبته الة العود في غنائه
بمكة المكرمة, كما يشهد له بانه اول ضارب بالعود (المهذب ) في صدر الاسلام.
كما يعتبر سائب خاثر(2) اول من ادخل الة العود في مصاحبة الغناء الى المدينة المنورة
، و يسب اليه انه اول من قام بتوظيف الالحان الفارسية في القصيد العربي.. و
يرى بعض الباحثين و الدارسين لالة العود ان العود عراقي في الاصل, و هدا راجع
لمجموعة من الاثار الموسيقية والكتابات المسمارية المكتشفة قريبا ان ابتكار هذه الالة اي العود كان
في العراق القديم في الالف الثالث قبل الميلاد في العصر المعروف باسم العصر الاكادي۲۳۵۰-۲۱۷۰ ق.م
ويحتفظ المتحف البريطاني بخاتمين يظهر فيهما شخص يعزف على الة العود وهما من العصر الاكادي(1).
واستمر استعمال الة العود في العصر السومري(2) الحديث ۲۱۰۰-۱۹۵۰ ق.م، الة العود الالة المفضلة في
عموم العراق القديم كما دلت الاثار المكتشفة في عدة مدن عراقية و التي عثر فيها
على اثار لالة عود يعود تاريخه الى عصر حمو رابي(3) و العصر الكشي(4) والبابلي الحديث
يحتوي المتحف البريطاني على اثار من الحضارة السباية تؤرخ للالة العود، وهي عبارة عن مسلة
من مسلات القبور السباية المنحوتة نحتا بارزا ويبلغ ارتفاعها 54 سم، نشاهد في الافريز العلوي
لهذا الاثر شخصا توفي امام طاولة طعام مع شخص كان يشرف على خدمته وامراة واقفة
تمسك بيدها اليسرى عودا راسه الى الاعلى وصندوقه الصوتي الى الاسفل. هنا في هذه المنحوتة
السباية التي يعود تاريخها الى القرن الثالث او الرابع الميلادي لا يختلف شكل العود تقريبا
عن شكله الحديث، ويمكن الملاحظة انه يحتوي على ثقبين مدورين لتقوية وتضخيم الصوت الذي ينبعث
من الالة اثناء العزف. من جهة هذا الشاهد التاريخي ينفي ما روي عن الفيلسوف الفارابي،
و من جهة اخرى يدحض هذا الاثر وبصورة قاطعة راي الباحثة شليزنكر التي تقول (
ان العرب تعلموا العود واقتبسوه من الفرس في نهاية القرن السادس الميلادي حيث يثبت وجود
هذه الالة الموسيقية عند العرب قبل التاريخ الذي تذكره شليزنكر بثلاثة قرون. و يشهد القرن
السابع الميلادي تحول مهم في صناعة الة العود على يد النضر(6) بن الحارث (ت 624
م تقريبا), الذي تخلى عن العود ذي الوجه الجلدي الى العود ذي الوجه الخشبي (اي
لوح وجه العود)، مما ادى الى تطور صوتي ملحوظ، في الة العود
العود في عهد الامويين و العباسين
عرف الامويون(7) و العباسيون(8) بحبهم و رعايتهم للفنون و خاصة فنون الموسيقى و على راسها
الغناء و الضرب على الة العود التي ظلت على شكل عود ما قبل الاسلام ،
حيث ظلت تحمل اربعة اوتار وجميع اجزائه تصنع من الخشب، لكنه عرف تطورا مهما عندما
اصبحت اوتاره تصنع من امعاء شبل الاسد عوضا من امعاء سائر الحيوانات الاخرى (نفح الطيب)
(9) ، غير ان المؤرخون لم يحددوا بالضبط في اي زمن اضيف الوتر الرابع، لكن
المراجع التاريخية و الاثار التي عثر عليها تشير الى وجوده قبل الاسلام.
اما في العصر العباسي شكل الة العود اقرب الى شكله الحالي باربعة اوتار وفي متحف
الفن الاسلامي في القاهرة